تطوير الذات

الذكاء العاطفي: مهارات استراتيجية للتحكم بالعواطف وتحقيق الهدوء الداخلي

يُعدّ الذكاء العاطفي من أهم المهارات الحياتية التي ينبغي لنا تعزيزها وتطويرها في حياتنا اليومية. فهو ليس مجرّد مفهوم نظري، بل هو مجموعة من القُدرات والمهارات التي تُساعدنا على فهم وإدارة مشاعرنا بفعاليّة.

تتداخل هذه المهارات مع جوانب متعدّدة في حياتنا، بدءًا من تحقيق النجاح الأكاديمي وصولًا إلى اتخاذ القرارات الصائبة وتحقيق النجاح في الحياة المهنية.

على الرغْم من أهمية الذكاء العاطفي، فكثيرًا من الأشخاص لا يعرفون ما هو بالضبط ولا يفهمون كيفيّة تطويره. يتساءل البعض الآخر عن معنى الذكاء العاطفي، ويُردّدون تعريفات خاطئة له، ما يجعل من الضروري شرح هذا المفهوم وتوضيح مكوناته وطرق تعزيزه بالتفصيل.

حسب معجم Cambridge، الذكاء العاطفي هو “القُدرة على فهم الطريقة التي يشعر ويتفاعل بها الناس، واستخدام هذه القُدرة في اتخاذ القرارات وتجنّب أو حلّ المشكلات“.

أمّا جيل هاسون، فترى أنّ الذكاء العاطفي بمنزلة “القدرة على فهم وإدارة العواطف.

يتجلّى الذكاء العاطفي في استخدام العواطف كأداة للتعبير عن الأفكار، واستخدام التفكير كوسيلة لفهم وتنظيم هذه العواطف.

بالرغم من أنّ الذكاء العام مهم في حياة كل فرد، إلّا أنّ الذكاء العاطفي يُعدّ مفتاحًا أساسيًا للتفكير الواضح والإبداعي، لأنّه يُساعد على إدارة التوتر والتحدّيات بكل ثقة، بالإضافة إلى تعزيز التواصل والتفاعل الفعّال مع الآخرين.

في الواقع، يُدرك الأشخاص الذين يمتلكون مستوى عالٍ من الذكاء العاطفي أنّ إدارة العواطف لا تعني التحكّم الكامل فيها، بل تعني المرونة في التفكير والتصرّف، إلى جانب القُدرة على فتح النفس للمشاعر سواءً كانت إيجابيّة أو سلبيّة.

ممّا سبق يتبيّن أنّ الذكاء العاطفي يُقصد به فهم وتنظيم عواطفنا بفعاليّة، ما يسهم في تحسين جودة حياتنا الشخصيّة والمهنيّة، وبناء علاقات صحّية والتواصل تواصلًا فعالًا مع الآخرين.

تعريف الذكاء العاطفي

يُشير الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence) إلى القُدرة على فهم وإدراك العواطف الشخصيّة والعواطف الغيرية، والقُدرة على التعبير عنها بطريقة مناسبة، بالإضافة إلى القُدرة على التحكّم في العواطف الخاصّة بالفرد والتعامل مع العلاقات الشخصيّة بحكمة وتعاطف.

الذكاء العاطفي مهارة مهمة في الحياة الشخصيّة والمهنيّة، حيث تُساعد على بناء علاقات صحّية وفعّالة، وتحسين التواصل والتفاهم مع الآخرين، وتعزيز القُدرة على التعامل مع التحدّيات والضغوطات اليوميّة على نحو أفضل.

أهمية الذكاء العاطفي

تكمن أهمية الذكاء العاطفي في قُدرته على تعزيز التواصل الفعال وبناء علاقات صحّية وإيجابيّة بالآخرين، حيث يُمكن للفرد الذي يتمتّع بمستوى مرتفع من الذكاء العاطفي فهم مشاعر الآخرين وتفاعلاتهم والتعامل معها على الوجه المناسب، ما يسهم في تقوية روابط الثقة والتفاهم بين الأفراد في العلاقات الشخصية والمهنية.

فضلًا على ذلك، يُساعد الذكاء العاطفي على تعزيز القُدرة على اتخاذ القرارات الصائبة وحل المشكلات بطريقة هادئة وبناءة، ويسهم في تعزيز النجاح الشخصي والمهني للأفراد وتحقيق التوازن والرضا في حياتهم.

مهارات الذكاء العاطفي

مهارات الذكاء العاطفي هي ثلّة من القُدرات والمهارات التي تُتيح للفرد فهم وتحليل مشاعره ومشاعر الآخرين، والتعامل معها بطريقة فعّالة وبنّاءة.

مهارات الذكاء العاطفي
مهارات الذكاء العاطفي

تُساعد هذه المهارات الأفراد على تحسين العلاقات الشخصيّة والاجتماعيّة، وتُعزّز من قُدرتهم على التواصل وحلّ المشكلات بفعاليّة.

من بين المهارات الرئيسة للذكاء العاطفي يُمكن ذكر:

الوعي الذاتي (Self-awareness)

الوعي الذاتي (Self-awareness) هو القُدرة على التعرّف وفهم مشاعرك وتحليل الأفكار والمشاعر التي تُؤثّر في سُلوكك وقراراتك.

إذا أردت أن تُطوّر معرفتك بذاتك، فينبغي لك:

  • أن تسأل الأشخاص الذين تثق بهم بخُصوصك وتعرف ما ينبغي تحسينه.
  • أن تُدوّن ملاحظاتك وأفكارك ومشاعرك ورغباتك وطموحاتك…
  • أن تتعلّم مهارات جديدة.
  • أن تنتبه لأفكارك وعواطفك…
  • أن تُطارد شغفك.
  • أن تُركّز على أهدافك.
  • أن تتأمّل تجاربك السابقة.
  • أن تتكلّم مع نفسك بإيجابية.
  • أن تفهم طريقة تفكيرك، وأفكارك ومبادئك.

يُمكن أن يُساعدك تطوير الوعي الذاتي على تحقيق التطوّر الشخصي ، وتحسين القرارات الشخصيّة والمهنية وتحسين العلاقات الاجتماعيّة.

ضبط الذات (Self-regulation)

ضبط الذات (Self-regulation) هو القُدرة على التحكّم في ردود الفعل العاطفية، وإدارة التوتر والضغط بفعاليّة، والتعامل مع المُشكلات والتحدّيات بهدوء.

يُمكنك تنمية ضبطك لذاتك، عن طريق اتّباع النصائح التالية:

  • الاهتمام بأفكارك ومشاعرك.
  • النظر للتحدّيات كفُرص للتعلّم.
  • مُمارسة مهارات التواصل الفعّال.
  • مارس التسامح.
  • كن منفتحًا.

بمٌمارسة هذه النصائح والعمل على تطبيقها في حياتك اليومية، يُمكنك تعزيز قُدرتك على ضبط ذاتك وتحقيق التوازن العاطفي والنجاح في مُختلف جوانب حياتك.

المهارات الاجتماعية (Social skills)

المهارات الاجتماعية (Social skills) هي مهارات تمنحك القُدرة على بناء علاقات صحّية ومٌثمرة بالآخرين، وتطوير مهارات التواصل الفعّال والعمل الجماعي.

إذا أردت أن تُطوّر المهارات الاجتماعية الخاصّة بك، فاتّبع النصائح التالية :

  • اطرح أسئلة مفتوحة.
  • مارس الإنصات الفعّال.
  • اظهر للآخرين أنّك مٌهتم بهم.
  • راقب لغة جسدك.
  • استعمل التواصل البصري.

بمُمارسة هذه النصائح، يُمكنك تحسين مهاراتك الاجتماعية وبناء علاقات أفضل بالآخرين، ما يسهم في تحقيق النجاح الشخصي والمهني.

التعاطف (Empathy)

التعاطف (Empathy) هو القُدرة على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم، والاستجابة لاحتياجاتهم العاطفيّة بفعاليّة.

إذا أردت أن تُصبح شخصًا مُتعاطفًا، فعليك:

  • أن تُنصت للناس.
  • أن تتحدّث مع أُناس جدد التقيت معهم على سبيل المثال: في القطار أو في وسيلة نقل مّا.
  • أن تتخيّل نفسك في مكان شخص مّا، ماذا كنت ستفعل؟
  • أن تُعبّر عن مشاعرك.

انطلاقًا من مُمارسة هذه الخُطوات، يُمكنك تعزيز قُدرتك على التعاطف وفهم الآخرين على نحو أفضل، ما يسهم في بناء علاقات إيجابيّة بالآخرين.

الحافز (Motivation)

الحافز (Motivation) هو العامل الذي يُحفّز الفرد على العمل والتحرّك نحو تحقيق الأهداف وتحسين الأداء.

إذا أردت ألّا تفقد الحافز الخاص بك، فينبغي لك:

  • أن تُركّز على الأهداف الواقعيّة.
  • أن تحتفل بإنجازاتك حتّى لو كانت صغيرة.
  • ألّا تأبه للمكافئة في البداية.
  • أن تعرف أنّ التحّديات جزء من الحياة.

صفات من يملك الذكاء العاطفي

هل سبق لك أن سألت نفسك لماذا بعض الناس ناجحين في حياتهم المهنية والشخصيّة وآخرون العكس من ذلك؟ ربما هذا راجع إلى الذكاء العاطفي العال الذي يمتلكه هؤلاء الناجحون.

حسب علم النفس، “الذكاء العاطفي هو القُدرة على تحديد وإدارة عواطفك الخاصّة وعواطف الآخرين.

إذا أردت أن تعرف إذا ما كُنت تمتلك ذكاء عاطفيًّا عاليًا، فسنسرد لك 10 صفات تُميّز من يملكون مهارات الذكاء العاطفي.

صفات من يملك الذكاء العاطفي:

  1. القُدرة على التعرّف إلى وإدراك المشاعر الخاصّة بهم وبالآخرين.
  2. القُدرة على التحكّم في ردود الفعل العاطفيّة وإدارة التوتر بفعاليّة.
  3. القُدرة على فهم ومُعالجة العواطف لديهم وللآخرين بشكل ملائم.
  4. القُدرة على التواصل الفعّال وبناء علاقات إيجابية.
  5. القُدرة على التعاطف والاستجابة لاحتياجات الآخرين العاطفية.
  6. القُدرة على تحديد الأهداف الشخصيّة والمهنيّة بواقعيّة وتحقيقها.
  7. القُدرة على التعامل بحكمة مع التغيّرات والتحدّيات التي تُواجههم.
  8. القُدرة على تحفيز النفس والاستمتاع بالنجاحات الصغيرة والكبيرة.
  9. القُدرة على التفكير الإيجابي والتركيز على الحلول بدلًا من المشكلات.
  10. القُدرة على وضع حدود صحّية مع الآخرين.

تتجلّى هذه الصفات في قُدرة الأفراد على التفاعل الإيجابي مع العواطف، وبناء علاقات صحّية، وتحقيق النجاح والرضا في الحياة الشخصية والمهنية.

علامات نقص الذكاء العاطفي

تشتمل علامات نقص الذكاء العاطفي على عدّة عناصر تُؤثّر سلبًا في العلاقات الاجتماعية والتفاعلات الشخصيّة.

في ما يلي بعض العلامات الشائعة لنقص الذكاء العاطفي:

  1. الشخص الذي يفتقر إلى الذكاء العاطفي قد يكون غير واعٍ تمامًا بمشاعره واحتياجاته الشخصية، ما يُؤثّر في قُدرته على التعامل مع نفسه والآخرين كما ينبغي.
  2. قلّة التعاطف: عدم القُدرة على فهم مشاعر الآخرين والتفاعل معها بطريقة مُلائمة.
  3. عدم تحمّل المسؤولية والتلويح بالظروف الخارجية كذريعة لتبرير سلوكه السلبيّ.
  4. الصعوبة في الاندماج في التغيّرات والمواقف الجديدة، والميل إلى الانعزال بدلًا من المواجهة.
  5. تجنّب المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
  6. الانغماس في الأفكار السلبية والمحبطة، وعدم القُدرة على التفكير بطريقة إيجابية والتعامل مع التحدّيات بطريقة بنّاءة.
  7. الصُعوبة في التعامل مع الضغوط النفسيّة والعاطفيّة.
  8. صُعوبة في بناء العلاقات الإيجابيّة بالآخرين والحفاظ عليها.
  9. الانغماس في التفاعلات الاجتماعية السلبية مثل: الشائعات والانتقادات السلبيّة والتجاهل.

تنمية الذكاء العاطفي

تنمية الذكاء العاطفي هي عملية مُستمرة وتتطلّب الجهد والتفاني.

في ما يلي بعض النصائح السريعة والسهلة لتعزيز الذكاء العاطفي:

  1. تحديد نِقَاط القوة والضعف: يُساعد التعرّف إلى نِقَاط الضعف والقوّة على تحديد المجالات التي تحتاج إلى العمل عليها وتطويرها.
  2. مراقبة الأنموذجات الإيجابية: يُمكن أن يُفيد تحليل سلوك وتصرّفات الأشخاص الذين يتمتّعون بالذكاء العاطفي في فهم كيفيّة التفاعل مع الآخرين بإيجابيّة.
  3. مُمارسة الاستماع الفعّال: يُساعد الاستماع بانتباه على فهم مشاعر الآخرين وتحسين التواصل.
  4. تطوير مهارات التواصل: التدريب على مهارات التواصل الفعّالة مثل: التواصل غير اللفظي والتواصل اللفظي…
  5. الحفاظ على الإيجابية: يُعزّز التركيز على الجوانب الإيجابية في الحياة الصّحة العقليّة والتفاعلات الاجتماعية الإيجابية.
  6. التفتّح الذهني: يُعزّز قَبُول وفهم وتقدير وجهات نظر الآخرين التفاهم والتعايش السلمي.
  7. قَبُول النصائح: يُساعد استقبال النصائح على التطوّر الشخصي والعاطفي.
  8. الحفاظ على الهدوء تحت الضغط: يُساعد التعامل مع الضغوط العاطفية على اتخاذ القرارات الصحيحة والتفاعل بشكل إيجابي.

الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي

يُمكن تلخيص الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي كما يلي: يُمثّل الذكاء العاطفي القُدرة على فهم وتنظيم العواطف الشخصيّة، في حين يُمثّل الذكاء الاجتماعي القُدرة على فهم والتفاعل بفعالية مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية صحّية.

خلاصة القول

في المقالة التالية، تناولنا موضوع الذكاء العاطفي وأهميته في حياة الفرد، وقدّمنا نصائح عملية لتطوير وتعزيز هذا الجانب من الذكاء الشخصي.

بدأت المقالة بتعريف الذكاء العاطفي وشرحت أهميته في فهم المشاعر والعواطف لدى الآخرين ولدينا، وكذلك في إدارة العلاقات الاجتماعيّة بفعاليّة.

من بين النصائح التي قدّمتها المقالة لتطوير الذكاء العاطفي تتجلّى في: تحديد نِقَاط القوة والضعف لدى الأفراد والعمل على تطويرها، ومُمارسة الاستماع بانتباه لفهم مشاعر الآخرين، بالإضافة إلى تعزيز مهارات التواصل الفعّال. كما دعت المقالة إلى التعاطف مع الآخرين والبقاء إيجابيًا قدر الإمكان، وتحفيز النمو الشخصي بقَبُول النصائح والتغيير الذاتي.

فضلًا على ذلك، شجّعت المقالة على التحكّم في الانفعالات حتّى في ظل الضغوطات والمواقف الصعبة.

El Gouzi Talks

El Gouzi (بالعربية : الڭوزي)، كاتب مغربي: * حاصل على درجة الماجستير في الديداكتيك واللغة والآداب الفرنسية. * أشارك اهتماماتي وتجاربي الشخصية مع القرّاء… * شغوف بالقراءة والتعلّم المستمر. * أسعى دائمًا لاكتساب المعرفة وتحسين مهاراتي الشخصية. * أعدّ الإنترنت وسيلةً للتواصل والتعبير عن اهتماماتي وآرائي.

اترك تعليقًا أو سؤالًا

زر الذهاب إلى الأعلى