التفكير الناقد : مهاراته و معوقاته و طريقة تطويره

التفكير الناقد

التفكير الناقد أو التفكير النقدي هو القدرة على معالجة أو التفاعل مع المعلومات المتوفرة باختلافها، هذا التفاعل يكمُن في تقديم ملاحظات في محلها والربط بين هذه المعلومات بطريقة منطقية.

من خلال ما سبق، فإنّ التفكير الناقد يستلزم التفكير المنطقي و لا يٌمكن أن نتمتع بتفكير ناقد دون اللجوء إلى الاستدلال المنطقي من وقت إلى آخر.

باختصار، التفكير الناقد أو التفكير النقدي (بالإنجليزية: Critical Thinking) هو تحليل موضوعي لمشكلة مّا وتقييمها بهدف إيجاد حل مناسب لها.

يُمكن أن يشير التفكير الناقد أو التفكير النقدي إلى تأويل المعلومات والتوصل إلى استنتاجات…

في عملية استخراج الأفكار أي الاستنباط على المفكر الناقد أن يعتمد على الإحصائيات المنجزة، والوقائع، والظواهر التي يمكن ملاحظتها ونتائج البحوث لعلماء متخصصين في مجالاتهم.

مقدمة شاملة

عندما يرغب المفكر الناقد في حل مشكلة مّا أو اتخاذ قرار مّا فبطبيعة الحال يلجأ إلى الاستنباط الذي يعتمد على جمع المعلومات والتمييز بين المعلومات الضرورية والمعلومات غير المفيدة واستخراج معلومات جديدة بفهم واجتهاد.

الشخص الذي يتّسم بتفكير ناقد يُحاول دائما أن يُحلل ويُفسر ويُقيم ما يقرأه وما يسمعه وما يكتبه وما يقوله قبل أن يصدر حُكما أو أن يتبنى قرارا.

بعض الناس يصفون الشخص الذي ينعم بحس نقدي على أنّه شخص متشائم ويركز على العيوب لا غير، لكن الحقيقة عكس ذلك، بل هو شخص يحاول قدر الإمكان تحقق المعلومات قبل أن يصدر حكما ظالما يمكنه أن يظلم طرفا من الأطراف.

هنالك وجهة نظر تقول إنّ الأشخاص الذين يتمتعون بتفكير نقدي هم أشخاص ولدوا بهذه الموهبة لكن هذا أمر غير صحيح تماما، لأنّ التفكير الناقد هو مهارة مثل كافة المهارات يُمكن اكتسابها و تطويرها بالعمل الجاد واتباع نصائح المتخصصين في هذا المجال.

إذن ما هي الصفات الضرورية التي يتمتع بها الناقد ولا يملكها الناس العاديين؟

الجواب على هذا السؤال سهل للغاية مثل شُرب كأس ماء… يتمتع الشخص الناقد بثلاث سمات أساسية بما في ذلك: الفضول والتواضع، والشك.

الفضول: عندما نتكلم عن الفضول فنحن لا نتكلم عن الفضول السلبي الذي يدفع الشخص إلى التدخل في شؤون الناس، بل نتكلم عن الفضول المعرفي الذي يدفع الشخص إلى البحث عن المعلومات والحقائق والمطالعة واكتساب مهارات جديدة…

الشخص الفضولي معرفيا يُطالع بنهم أي شيء يقع تحت عينيه من أجل إغناء ثقافته العامة …

إذا أصبحت قارئا جيدا فسوف تحصل على العديد من المعلومات بإمكانها مساعدتك في حل مشكلاتك واتخاذ قرارات حكيمة.

التواضع: التواضع هو صفة حميدة تتجلى في عدم التكبر، الشخص المتواضع هو الذي يسأل الناس و يطلب المساعدة حتى ممن هو أصغر منه، لأن هدفه الأعلى هو التعلم و تطوير مهاراته و قدراته، وهناك مثل عربي متداول يقول: (لا يتعلم العلم مستحي ولا متكبر.) ، إذا أردت أن تتعلم عليك بالتواضع.

التيقن: التيقن من مصدر المعلومة هو أمر محمود خصوصا في عصرنا الحالي الذي زادت فيه المعلومات والمعارف وشاع فيه العلم الزائف و المعلومات التضليلية …

أصبح اليوم لازما أن نتبنى مهارة التيقن أكثر من أي وقت، وفي السياق ذاته حث القرآن الكريم على التيقن أو التحقق من مصدر المعلومة في قوله عز و جل:(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.)

تعريف التفكير الناقد

التفكير الناقد أو التفكير النقدي (بالإنجليزية: Critical Thinking) هو منهجية اخترعها الفيلسوف جون ديوي؛ هذه الطريقة تهدف إلى تقييم المعلومات من خلال الدلائل والملاحظة والاستدلال المنطقي، أو من خلال النظر إلى المشكلات التي تواجهنا من جهات نظر مختلفة وبعين ناقدة.

صفات الشخص الناقد

يتصف الشخص الناقد بعدد كبير من الصفات المحمودة بما فيه:

  • يفرق بين الرأي والواقع (الرأي يكون مبنيا على المعتقدات الشخصية أمّا الواقع فيكون مدعوما بمعلومات وبحوث علمية…)
  • يعرف كيف يربط بين الأفكار باستعمال الروابط المنطقية الموجودة في اللغة مثل: في بادئ الأمر- ثم – ف- إذن – إضافة إلى …
  • يحلل وجهات نظر الناس المحيطين به ويعرف نِقَاط ضعفهم وقوتهم …
  • يعرف أهداف الآخرين، أي ماذا يريدون عندما يقدمون آراءهم أو حججهم.
  • يُفتش عن الأسباب التي قادت إلى حدوث أمر مّا يخصه أو يخص الناس الذي يعرفهم.
  • يحلل الحجج والمفاهيم ويبحث دوما من أجل تدعيم حججه بآراء المتخصصين.
  • يبني ويقيم الحجج التي يحتاجها من أجل دحض أو دعم قضية مّا.
  • يعرف أين توجد التناقضات في كلام من يحاور أو التناقضات في مقال ما أو كتاب مّا.
  • لا ينتقل إلى الاستنتاج المتسرع، بل يحاول جاهدا جمع المعلومات وتحليلها وتقييمها.
  • يُكيف المعلومات التي يمتلكها لمصلحته عند الحاجة ويدعم بها آرائه.
  • يقيم نفسه باستمرار (أي يعرف نِقَاط قوته ونقاط ضعفه).
  • يحسّن من مهاراته على الدوام.
  • يقرأ كثيرا لا سيما في مجال تخصصه.
  • يتحقق مصادر المعلومات قبل العمل بها…
  • يعرف الفرق بين الاستقراء والاستنباط …
  • يفرق بين السببية والتلازمية.
  • لا يتوقف عن التعلم، حتى لو كان متخصص في مجاله.
  • عقلاني
  • متفتح الذهن
  • يتمتع بثقة كبيرة بنفسه و له تقدير ذات عالي

طرق تنمية التفكير الناقد

إذا كنت ترغب في تطوير تفكيرك الناقد أو النقدي، فينبغي لك دائمًا التمييز بين الافتراضات والواقع، وتقييم الحجج المقدمة لك، ثم الاستنتاج …

طرق تنمية التفكير الناقد

التعرف إلى الافتراضات

كافتنا نقدم افتراضات طول الوقت بوعي أو غير وعي منا لذلك إذا أردت أن تُحسن طريقة تفكيرك، عليك أن تُفرق بين الافتراض والواقع والرأي. الافتراض هو ( أسلوب في الحوار يقضي طرح قضية للتأكد من صحتها أو عدم صحتها). أما الواقع هو كل شيء ملموس في حين أن الرأي فهو ما نعتقد أنه صحيح وفقا لتجاربنا السابقة في قضية من القضايا.

تقييم الحجج

لكي تصبح مفكرا ناقدا عليك تكون حذرا من الحجج التي يقدمها غيرك وأن تحللها وتقيمها بعين ناقدة من غير تحيز.

عندما تناقش شخص أو تقرأ مقالا فهذا الشخص أو المقال يحاول أن يقنعك دون أن تدري إمّا باستعمال فن الإقناع أو اللجوء إلى العاطفة لكي يتلاعب بمشاعرك ويجعلك تتبنى اعتقادات وآراء جديدة عنك التي بإمكانها أن تؤثر فيك…

الاستنتاج

عندما نقرأ أو نحاور شخصا ففي نهاية المطاف نحاول أن نتوصل إلى استنتاجات انطلاقا من المعلومات التي في حوزتنا. لذلك عليك أن تلجأ هنا إلى الاستدلال المنطقي أو العقلي الذي يكمن في ” التوصل إلى معرفة الشيء والبحث فيه وإعمال العقل بالحجج و الدليل لإثباته”.

مهارات التفكير الناقد

مهارات التفكير الناقد هي مجموعة من المهارات التي تُساعدنا في تنمية الحس النقدي الخاص بنا مثل : البحث و الفضول المعرفي و التحليل و الاستدلال المنطقي …

من الصعب أن تطور نفسك دون تحديد نواقصك والأشياء التي لا تبرع فيها، حتُى لو كانت لديك إرادة تُكسر الحجر … عندما تحلل مشكلة مّا أو وقائع أو تقدم حججا فأنت بذلك مفكر ناقد، لكن هذا أمر غير كافي لا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الأدلة والبحوث العلمية. إضافة إلى الاعتقادات الخاصة بك التي يمكنها أن تخالف ما أنت بصدد تحليله. في هذه الحالة عليك أن تكون ذكيا وأن تتجمل بالعقلانية لكي تفكر بطريقة نقدية.

عندما نتكلم عن التفكير الناقد فنحن نشير إلى تأويل المعلومات بهدف التوصل إلى استنتاجات لكن هذا غير كافي من أجل تطوير مهارات التفكير الخاصة بنا دون اتباع بعض التوصيات الضرورية مثل: تحديد موضوع، والبحث، وتحديد انحيازاتك الشخصية، اللجوء إلى الاستدلال العقلي، و الربط بين مختلف المعلومات، و الفضول المعرفي، و التحليل، والإبداع، وتفتح الذهن، والتحلي بمهارات حل المشكلات …

مهارات التفكير الناقد

تحديد الموضوع

لا يمكن لنا أن نصدر أحكاما دون تحديد الموضوع الذي نريد أن نحلله، لذلك فتعد مهارة تحديد الموضوع أو المشكلة من الأمور الضروري عندما نرغب في تطوير مهارة التفكير الناقد الخاصة بنا. ما هي إذن مهارة تحديد الإشكالية؟ بكلمات بسيطة فمهارة تحديد الإشكالية هي مهارة يستعملها الناقد من أجل تحديد وتعيين العناصر المكونة لقضية ما.

البحث

عندما تواجه الإنسان مشكلة مّا أو يريد أن يعرف أمرًا مّا فأول ما يخطر في باله هو البحث، إذن فمهارة البحث عن المعلومات التي نريدها أمر غاية في الأهمية خصوصا عندما نريد تطوير أنفسنا أو إغناء رصيدنا المعرفي أو إيجاد حلولا لمشاكلتنا أو اتخاذ قرارات سليمة.

ملاحظة: عندما تريد أن تبحث عن معلومة مّا عليك أن تلجأ إلى أصحاب الاختصاص و تقرأ كتبهم، لأنّ المتخصص في مجاله متعمق و يعرف الصغيرة و الكبيرة، هذا الأمر سوف يساعدك و يسهل عليك البحث في مصادر موثوقة.

تحديد الانحيازات

كلنا إن صح التعبير ننحاز من وقت إلى آخر بوعي أو من غير وعي، لذلك على الشخص أن يكون حذرا عندما يريد أن يتخذ قرارا أو أن يحل مشكلة، لأن الانحياز أمر لا مفر منه لكن تحديده سوف يساعدنا على التفكير بطريقة حيادية وموضوعية. إذن ما هو الانحياز؟ ببساطة الانحياز هو الميل إلى أفكارنا ومواقفنا في الدرجة الأولى وعدم الأخذ بعين الاعتبار آراء وأفكار الآخرين من الوهلة الأولى.

الاستدلال العقلي

عندما نذكر الاستدلال فنحن بذلك نشير إلى العقل، والحجة والدليل … تعد العناصر الثلاث: العقل و الحجّة والدليل من الأوليات عندما نتكلم عن التفكير الناقد، لذلك إذا أردت أن تصبح مفكرا ناقدا عليك أن “تتوصل إلى معرفة الشيء والبحث فيه وإعمال العقل بالحجة والدليل لإثباته”.

الربط بين الأفكار والمعلومات (الصلة)

عندما تواجهك مشكلة مّا وتريد حلّها فبمجرد البحث تجد كمّا هائلا من المعلومات منها ما هو مفيد ومنها ما هو غير مفيد، في هذه الحالة تصبح مهارة الربط بين الأفكار أمرا لا غنى عنه. كما هو معروف، جميع المفكرين الناقدين يُتقنون هذه المهارة ويربطون بين الأفكار بسلاسة، حتى لو كانت هذه الأفكار تنحدر من مجالات متعددة مثل: الفلسفة وعلم الاجتماع والدين والقصة … وغيرها من الأمور.

الفضول المعرفي

عندما نتكلم عن الفضول المعرفي فسوف نُحيل مباشرة إلى الكٌتّاب و الفلاسفة و العلماء و المفكرين والمتخصصين … لا يمكن لأي شخص أن يتعمق في مجال مّا دون فضول علمي يدفعه إلى ذلك … إذا أردت أن تكون مفكرا ناقدا عليك أن تقرأ بنهم من أجل تطوير المهارات الخاصة بك و إغناء رصيدك المعرفي … عندما يصبح الشخص مثقفا و مملوء الرأس بأفكار بناءة و معلومات عدّة في شتى المجالات …يصبح من السهل عليه أن يراقب ما يحدث من حوله بعين ناقدة ،هذه المعرفة هي التي سوف تكون له عونا في حل مشكلاته و التكلم بإقناع و اتخاذ قرارات حكيمة في أغلب الأحيان.

التحليل

يُعد التحليل من المهارات الأساسية عندما يتعلق الأمر بالتفكير الناقد… لا يمكن لأي أحد أن يصبح مفكرا ناقدا دون التمكن من أبجديات التحليل، في بعض الأحيان عندما يسمع الناس التحليل يظنون أنه مهارة صعبة لكن العكس من ذلك، يستطيع أي شخص أن يحلّل أي مشكلة بتفكيك مكوناتها أو عناصرها، عند تفكيك مشكلة مّا نعرف كيف حدثت ممّا سوف يُساعدنا في حل هذه المشكلة واتخاذ القرار السديد.

الإبداع

لا شك أن الإبداع عنصر مهم في التفكير الناقد ومن دونه لن نُفكر بطريقة ابداعية ونُحطم الصندوق المعتقلين فيه بأفكار قديمة لا توافق عصرنا الحالي … لكي تكون مفكرا ناقدا عليك أن تُطور مهارات الإبداع الخاصة بك لكيلا تخاف مرة أخرى من طرح أفكار أصلية أو جديدة.

تفتح الذهن

قد تلاحظ أن المفكرين الناقدين متفتحين على آراء الآخرين مع أنها قد تٌخالف أفكارهم أحيانا، ومع ذلك لا يقاطعون أي أحد، بل يستمعون له ويناقشنه بالتي هي أحسن … إذا أردت أن تُطور مهارات التفكير الناقد الخاصة بك، عليك أن تكون منفتحا على آراء الآخرين و أن تستفيد منهم، إذا كانت أفكارهم صائبة خد بها و إذا كانت سقيمة اتركها …

حل المشكلات

قد تساعدك مهارات حل المشكلات على أن تصبح مفكرا ناقدا، لأن حل المشكلات يكمن في تفكيك المشكلة واقتراح حلول لها، في أحيان أخرى ف المفكرين الناقدين يحلوون مشاكلهم بسهولة، لأنهم يملكون عيون ثاقبة وأفكار في شتى المجالات تُساعدهم في حل المشكلات أسرع من غيرهم وبطريقة إبداعية، أي خارجة عن المألوف…

معوقات التفكير الناقد

تشمل معوقات التفكير الناقد : الأنانية، التفكير الجمعي، التأثير الاجتماعي، التحيزات الشخصية، القلق، الغرور، الخوف، والكسل.

التفكير الناقد ليس بسيطا كما يعتقد بعض الناس، لأننا عندما نحاول أن نفكر بطريقة ناقدة تواجهنا عدة تحديات وتقف في طريقنا وتمنعنا من التفكير بطريقة نقدية، هذه الأمور يمكن لها أن تكون حاجزا لنا في تطوير مهارات التفكير الناقد الخاصة بنا بما في ذلك: الأنانية، التفكير الجمعي (مسلك القطيع)، التنشئة الاجتماعية، التحيزات الشخصية، القلق، الغرور، العناد، الخوف، الكسل…

الأنانية

عندما نتكلم عن معوقات التفكير الناقد أول شيء ينذر ببالنا هو الأنانية، هذا السلوك الذي لا يطيقه أحد و يجعل الناس تنفر منّا … إذن ما هي الأنانية؟ الأنانية هي سلوك غير مرغوب بالمرة و يتجلى في(الإفراط في حب النفس والإعجاب بها، مع عدم التفكير في الغير.) عند تعريف الأنانية يظهر أن الأنانية قد تعيق عملية تفكيرك خصوصا عندما ترغب في التفكير بطريقة ناقدة … لكي تتجنب ذلك، عليك أن تكون منفتحا على آراء الآخرين والتعاطف معهم والعمل بأفكارهم إذا كانت غير مضرة لك.

التفكير الجمعي

يُعد التفكير الجمعي من العوائق عندما يتعلق الأمر بالتفكير الناقد لأنّه يجعل الشخص غير مستقل في أفكاره ويدفعه إلى تبني أفكار الجماعة رغما عنه خصوصا إذا أراد أن يبقى في مأمن عن انتقاد الآخرين … لكي تتجاوز هذه المعضلة عليك التحلي بالشجاعة وأن تعبّر عن آرائك ومواقفك واعتقاداتك بلا خوف لأن:(الساكت عن الحق شيطان أخرس.)

التأثير الاجتماعي

التأثر الاجتماعي هو ظاهرة منتشرة لدى عامة الناس و تكمن في تأثر مشاعر الناس و آرائهم و سلوكياتهم بالآخرين بسبب التنشئة الاجتماعية للشخص أو الخوف من كلام الناس أو الإشارة إليهم بأصبع الاتهام لأنّه يخالف معتقدات الأغلبية … إذا كنت من هؤلاء المتأثرين اجتماعيا فأنت في ورطة كبيرة يمكن أن تؤثر في  أفكارك و تجعلك تفكر داخل صندوق المجتمع … كما هو معلوم، فمن لا يفكر خارج الصندوق ليس مبدعا بالمرة، إذا كنت متأثرا بالمجتمع الذي تعيش فيه سوف تتبنى أفكاره ليس لأنها أقنعتك لكن لأنك خائف من التعبير عن آرائك و الخروج من الصندوق (يمكن للصندوق أن يكون أفكار الأغلبية) …

التحيزات الشخصية

عندما نحاول أن نفكر تأتي الانحيازات الخاصة بنا لكي تمنعنا من التفكير في أمور قد تكون حسب المجتمع الذي نعيش فيه غير جيدة أو تخالف المعتقدات السائدة … إذا أردت أن تصبح مفكرا ناقدا عليك أن تتعرف إلى انحيازاتك ومنعها من اتخاذ القرار عوضا عنك … لكي تحارب الانحيازات الخاصة بك عليك الأخذ بعين الاعتبار الأدلة والحقائق والبحوث العلمية الموثوقة وآراء الآخرين، بعد ذلك ادرسها و حللها و قيمها …

القلق

إذا كنت قلقا طول الوقت فقد يؤثر ذلك في قدرتك على التحليل والتفكير واتخاذ القرارات … في أحيان أخرى قد يُحب بعض الناس العمل تحت الضغط لكن العمل تحت الضغط لا يناسب الناس كافتهم خصوصا القلقين منهم … ما هو القلق إذن؟ القلق هو عدم الاستقرار النفسي أو الانزعاج عندما يحدث أمر لم تخطط له سلفا … لكي تكون مفكرا ناقدا عليك أن تتجنب القلق ما أمكن باتباع نظام غذائي صحي والابتعاد عن الأشخاص السلبيين وممارسة الرياضة على الأقل مرتين في الأسبوع.

الغرور

يقول توفيق الحكيم الكاتب والأديب المصري عن الغرور: (ما الغرور إلاّ وجه من وجوه الجهل.)، لذلك يعد الغرور من عوائق التفكير الناقد لأن المغرور يظن على الدوام أنه يعرف أكثر من الآخرين وأنه يستطيع حل مشكلاته ومشكلات الآخرين بأسرع ما يمكن دون مساعدة الآخرين… في الحقيقة الإنسان لا يستطيع أن يعرف كل شيء مهما بلغ ذكائه وقوة حفضه، بل يعرف قليلا وربما يكون جاهلا من غير دراية … يقول الله عز وجل: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).

الخوف

يّعد الخوف من العوائق التي تؤثر سلبا في حياتنا الشخصية وتمنعنا منعا كليا من التقدم وبداية مغامرات جديدة، إضافة إلى ذلك قد يؤدي الخوف إلى فقدان الثقة بالنفس وفقدان الحافز الذي يدفعنا إلى الأمام … هناك عدة أسباب للخوف مثل القلق، اليأس، الفشل المتكرر، تقدير الذات المنخفض … بالتعرف إلى الأسباب المختلفة التي تؤدي إلى الخوف فسوف يسهُل عليك محاربته والتخلص منه لكيلا يقف لك مرة أخرى عقبة في طريقك من أجل تطوير مهاراتك لا سيما: تطوير مهارات التفكير الناقد.

الكسل

عندما نتكلم عن الكسل، فبطبيعة الحال نشير إلى ألد أعداء النجاح الذي عرفه الإنسان على مر العصور، إذا كنت كسولا وتريد أن تُحسن من مهاراتك فأول عدو لك هو الكسل … الكسل إذن هو التهاون في فعل ما يجب فعله من أجل تطوير مهاراتك الشخصية والناعمة…

يّعد الكسل من عوائق التفكير الناقد بطريقة غير مباشرة، على سبيل المثال إذا أردت أن تطور مهارات التفكير الناقد الخاصة بك مثل مهارة البحث، في هذه الحالة عليك أن تكون مجتهدا ومثابرا وتبحث دائما عن المعلومات التي أنت بحاجة ماسة لها في الإنترنيت أو الكتب أو غيرها من المصادر الموثوقة …

خلاصة القول، العدو الأول للنجاح هو الكسل والمماطلة أي تأجيل ما عليك فعله الآن إلى وقت آخر في كل مرة.

أركان التفكير الناقد حسب ريتشارد بول وليندا إلدر 1997

التفكير الناقد هو نمط من التفكير بخصوص موضوع ما أو مشكلة مّا، يهدف إذن التفكير الناقد إلى تحسين جودة التفكير أخذا بعين الاعتبار عناصر التفكير والمعايير الفكرية.

عناصر التفكير

في عملية التفكير لكل حجة قصد وكل حجة تحاول إثبات أمر مّا أو الإجابة عن بعض الأسئلة أو القضايا …كل أنواع التفكير تتضمن استدلالات وتأويلات من أجل التوصل إلى استنتاجات وفقا لسياق معين …

في عملية التفكير، تّعد اللغة والثقافة والمفاهيم و الأفكار أمرا مهما من أجل صياغة استدلالات منطقية مقنعة إلى حد ما… إذن لكي تكون مفكرا ناقدا عليك أن تفهم جيدا المعايير الفكرية للتفكير الناقد.

معايير التفكير الناقد

حسب ريتشارد بول وليندا إلدر، هناك 7 معايير للتفكير الناقد بما في ذلك: الوضوح-الصحّة-الاتساع-الدقّة-المنطق-الرّبط -العُمق.

معايير التفكير الناقد

الوضوح

يُقصد بالوضوح خلوّ الفكرة من أي لبس أو غموض، في هده الحالة الجميع يستطيع أن يفهمها من الوهلة الأولى.

الصحّة

على المعلومة أو الفكرة المقترحة أن تكون موثقة من حيث المصدر ويمكن التحقق من المصدر بسهولة.

الاتساع (الشمولية)

على الفكرة أن تكون شاملة وملمّة بكل جوانب الموضوع أو المشكلة.

الدقّة

على المعلومة أو الفكرة أن تكون وافية وتحيط بالمعنى حتّى ما خفي وغمض منها.

الاستدلال المنطقي (المنطق

على الفكرة المقدمة أن تعتمد على العقل، أي تنتقل من مقدمات إلى نتائج صحيحة.

الرّبط

على الفكرة أن تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بالموضوع أو المشكلة التي تواجهنا.

العُمق

على الفكرة المقدمة أن تكون عميقة، أي خضعت إلى التفكر وبعد نظر.

أنواع المغالطات في التفكير الناقد

عندما يحاول الناس التفكير بطريقة نقدية فقد يلجؤون إلى المغالطات المنطقية من أجل الدفاع عن آرائهم من غير وعي أو بوعي …

لذلك إذا أردت أن تصبح مفكرا ناقدا عليك أن تكون على دراية بالمغالطات المنطقية التي تستعملها ويستعملها الآخرين من أجل تأييد الحجج المقدمة أو دحضها.

هناك العديد من أنواع المغالطات التي يمكن أن تظهر في التفكير الناقد، ومن بينها:

  1. مغالطة الانحياز الشخصي (Personal Bias): حيث يتم استخدام الآراء الشخصية والمعتقدات الخاصة كمعيار لتقييم الحقائق والأدلة.
  2. مغالطة الهجوم على الشخص (Ad Hominem): حيث يتم استخدام الهجوم على شخص ما بدلاً من مناقشة الحقائق والأدلة.
  3. مغالطة الشكل (Fallacy of Appearance): حيث يتم الاعتماد على شكل الحجة أو الحجة الواهية بدلاً من المحتوى الفعلي للحجة.
  4. مغالطة الادعاء الكاذب (False Claim): حيث يتم إدعاء شيء ما دون وجود أدلة أو دليل على صحته.
  5. مغالطة تحميل الآخرين (Blaming): حيث يتم تحميل الآخرين المسؤولية عن مشكلة دون وجود دليل على ذلك.
  6. مغالطة الاستنتاج المفاجئ (Hasty Generalization): حيث يتم الاستنتاج بسرعة دون وجود أدلة كافية.
  7. مغالطة التحايل (Sophistry): حيث يتم استخدام اللغة بطريقة مضللة لإخفاء الحقائق أو لإقناع الآخرين بشيء ما.
  8. مغالطة التكافؤ الكاذب (False Equivalence): حيث يتم إيجاد تكافؤ زائف بين اثنين من الأشياء أو الأفكار أو الأحداث، على الرغم من عدم وجود تكافؤ حقيقي بينهما.
  9. مغالطة القضاء على الاختلاف (Argumentum ad Populum): حيث يتم رفض الآراء الأخرى دون تقييمها بشكل صحيح.

وهناك العديد من المغالطات الأخرى التي يمكن أن تظهر في التفكير الناقد، ومن المهم التعرف عليها وتجنبها لتحسين جودة التفكير واتخاذ القرارات على نحو أفضل.

المغالطات المنطقية هي حجج خاطئة تبدو من الوهلة الأولى أنّها صحيحة ولا غبار عليها.

خطوات التفكير الناقد

كلنا نفكر بطريقة نقدية من وقت إلى آخر دون علم، لكن في غالب الأحيان لا نتبع الخطوات الأساسية و العلمية من أجل إنجاح عملية التفكير، لذلك في هذا المحور سوف نقدّم لكم الخطوات الأربعة من أجل تحسين التفكير الناقد الخاص بكم بطريقة علمية و مجربة، تكمن هذه الخطوات في: جمع المعلومات- التحليل – التقييم – و التطوير المستمر.

جمع المعلومات

تُعد عملية جمع المعلومات من الأمور الضرورية عندما يتعلق الأمر بالتفكير الناقد أو أي نمط من التفكير، لكي تكون مفكرا ناقدا عليك أن تتوفر على عدد كبير من المعلومات التي بمقدورها مساعدتك من أجل إصدار أحكام جيدة واتخاذ قرارات سديدة وحل المشكلات بطريقة إبداعية.

لهذا السبب، ننصح الجميع بالقراءة والبحث عن المعلومات والأفكار لكي يُطور مهارات التفكير الناقد الخاصة به بطريقة ملموسة.

التحليل

يأتي التحليل بطبيعة الحال بعد جمع المعلومات اللازمة من أجل حل مشكلة مّا … التحليل بطبيعته، يهدف إلى تفكيك عناصر أو أجزاء المعلومات المتوفرة والاحتفاظ بالمعلومات المناسبة للمشكلة التي تواجهنا …

التقييم

يّعد التقويم من الضروريات سواء تعلق الأمر بالتفكير الناقد أوحل المشكلات واتخاذ القرارات … يُساعد التقييم في إصدار أحكام بخصوص المعلومات والأفكار التي جمعناها وحللناها لكي نعرف ما إذا كانت هذه المعلومات والأفكار جيدة بما يكفي لإصدار أحكام نهائية أو اتخاذ قرارات حكيمة.

التطوير المستمر

يُعد التطوير المستمر من أركان النجاح في أي مجال من المجالات… إذا أراد الشخص أن يُطور مهاراته الخاصة عليه أن يقرأ باستمرار في مجال تخصصه أو اتباع دورات أنشأها المتخصصين في مجالاتهم، هذا الأمر يجعلك تُنمي المهارات الصلبة في مجال تخصصك ممّا سوف يساعدك في اتخاذ قرارات سديدة وحل كافة المشاكل التي تواجهك أو تواجه الناس الذين تربطك بهم عَلاقة …

في السياق ذاته إذا أردت أن تطور مهارات التفكير الناقد الخاصة بك فأحسن طريقة – إذا لم نقل الوحيدة – هي المطالعة لاسيما الكتب عالية الجودة والمكتوبة بطريقة سهلة من طرف متخصصين وليس متطفلين عن المجال.

أهمية التفكير الناقد في حياتنا اليومية

أصبح التفكير الناقد مهما للغاية لا سيما في عصرنا الحالي أي عصر التكنولوجيا حيث أصبحت المعلومات تنتشر أسرع من سرعة الضوء، منها من يحاول توجيه الرأي، منها من يحاول تضليل الناس والتأثير فيهم …لذلك فبسب تزايد المعلومات على أي شخص أن يُطور مهارات التفكير الخاصة به لي ينجو من أي محاولة تلاعب … فيما يلي سوف نسرد لكم بعض أهم فوائد التفكير الناقد …

  • نستعمل التفكير الناقد في حياتنا اليومية من أجل: حل المشكلات واتخاد القرارات…
  • التعرف إلى عاداتنا السيئة والتخلص منها مع مرور الوقت…
  • اتخاد قرار سليمة بعد جمع المعلومات وتحليلها وتقييمها …
  • التخطيط للمستقبل بتبني أهداف واقعية وقابلة الوصول…
  • بناء علاقات سليمة والتخلص من الأشخاص المتشائمين …
  • الحفاض على صحتنا وذلك بتقييم ما نأكل هل هو صحي أو لا…
  • حل المشكلات المادية المتعلقة بنا…

خلاصة القول

كما لاحظتم فإنّ التفكير الناقد أمر غاية في الأهمية لا سيما في عصرنا الحالي الذي كثرت فيه المعارف و المعلومات في شتى المجالات…

لذلك، أنصحكم بتطوير مهارات التفكير الناقد الخاص بكم باتباع المقالة التي كتبناها من أجلكم.

عن الكاتب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top