يُشير تقدير الذات إلى الطريقة التي نُقيّم بها أنفسنا ونرى قيمتنا الشخصية، وكذلك الصورة التي نُكوّنها في عقولنا حول قُدراتنا ومواهبنا ومدى قبولنا لأنفسنا كما نحن.
ببساطة، يُمكن تعريف تقدير الذات بأنّه الطريقة التي نُعبّر بها عن مدى حُبّنا وتقديرنا لأنفسنا بغض النظر عن الظروف الخارجية أو ردود الفعل الأخرى.
إذًا، عندما نتحدّث عن تقدير الذات، فإنّنا نعني طريقة تقديرنا لأنفسنا بناءً على الصفات والقيّم التي نراها في أنفسنا. فالأشخاص ذوو تقدير الذات العالي يعتادون على رؤية أنفسهم بإيجابية ويميلون إلى احترام أنفسهم ويتعاملون مع الآخرين بشكل إيجابي. أمّا الأشخاص ذوو تقدير الذات المُنخفض يُمكن أن يشعروا بالشك والقلق بشأن قيمتهم الشخصية ويميلون إلى رؤية أنفسهم بشكل سلبي.
من المهم فهم أنّ تقدير الذات ليس ثابتًا ولا يتغيّر فقط بناءً على الخصائص الداخلية للشخص، بل يتأثر أيضًا بالعديد من العوامل الخارجية مثل: التجارِب الحياتية، والعلاقات الاجتماعية، والثقافة، وردود الفعل من الآخرين.
فضلًا على ذلك، يُمكن لتقدير الذات أن يتأثّر بصورة كبيرة بالتجارب السلبية مثل: الانتقادات المستمرة، والإحباط، والإخفاقات المُتكررة.
مع ذلك، يُمكن للأفراد أن يعملوا على تحسين تقديرهم لذاتهم وبناء صورة إيجابية عن أنفسهم بتطوير الثقة بأنفسهم والاهتمام بصحتهم النفسية وتعزيز علاقاتهم الاجتماعية.
تعريف تقدير الذات
تقدير الذات (بالإنجليزية: Self-esteem)، هو الطريقة التي يرى بها الفرد نفسه، ويُقيّم قيمته الشخصية، والصورة التي يُكوّنها في عقله حول نفسه، بما في ذلك: قدراته، وصفاته، وإنجازاته.
يشتمل تقدير الذات على الاعتراف بالإيجابيات والسلبيات وقبول الذات بما فيه: نِقَاط القوة والضعف، والسعي للنمو الشخصي والتطوّر المستمر.
أهمية تقدير الذات
تكمن أهمية تقدير الذات في تعزيز الشعور بالكفاءة والقُدرة على التكيّف مع التحديات والمواقف الصعبة التي قد تواجه الفرد في حياته.
عندما يكون الشخص واثقًا بقُدراته وبقيمته الشخصية، يكون أكثر استعدادًا لمواجهة التحدّيات بشجاعة وثقة.
زيادة على ذلك، يمنح الاحترام الذاتي الفرد الشجاعة لتجربة أشياء جديدة والتعلّم من الأخطاء دون الشعور بالخوف من الفشل.
محتوى المقالة
تقدير الذات والثقة بالنفس
تقدير الذات والثقة بالنفس مفاهيم متداخلة، ولكنّهُما يختلفان تمامًا في المعنى والتأثير.
دعونا نُوضّح الفرق بينهما:
- تقدير الذات: يُشير إلى طريقة تقديرك لذاتك وللقيمة التي تمنحها لنفسك. يتأثّر تقدير الذات بتجارب حياتك وتفاعلاتك مع الآخرين. يُمكن أن يتغيّر مستواه مع مرور الوقت وتجارب الحياة. على سبيل المثال، يُمكن لشخص أن يكون لديه تقدير ذاتي عالي بعد تحقيق إنجاز مُهم أو بعد تلقّي التقدير والاعتراف من الآخرين.
- الثقة بالنفس: هي الإيمان بنفسك وقُدراتك. تُظهر الثقة بالنفس مدى اعتقادك بقُدرتك على تحقيق النجاح والتعامل مع التحدّيات. قد تتأثّر مستويات الثقة بالنفس بالظروف المحيطة والتجارب اليومية. على سبيل المثال، يُمكن لشخص أن يكون لديه ثقة عالية بنفسه في مجال معيّن، مثل: العمل أو الرياضة، في حين يكون لديه ثقة منخفضة في مجالات أخرى.
باختصار، تُعبّر الثقة بالنفس عن الإيمان بقُدراتك ومهاراتك، في حين يُشير تقدير الذات إلى القيمة التي تمنحها لنفسك.
تقدير الذات وبناء الشخصية
تقدير الذات وبناء الشخصية مفاهيم مُرتبطة بشكل وثيق، حيث يُمثّل كلّ منهما جزءًا هامًا في تكوين الهُوِيَّة الفردية والتطوّر الشخصي.
يُشير تقدير الذات إلى الرأي والقيمة التي يمنحها الشخص لنفسه، في حين يُشير بناء الشخصية إلى العملية المُستمرة لتطوير الصفات والقُدرات الشخصية التي تُساعد على تحقيق النمو والتقدّم الشخصي.
تشتمل عملية بناء الشخصية على العديد من الجوانب، مثل: تعزيز القدرات والمهارات، وتطوير القيّم والمبادئ، وتحديد الأهداف والتوجّه نحو تحقيقها، وتطوير العلاقات الاجتماعية والشخصية، وتعلّم طرق التعامل مع التحدّيات والصعوبات بطريقة بناءة.
من جانبه، يعتمد تقدير الذات على عدّة عوامل، بما في ذلك: الشعور بالقبول للذات، والاعتراف بالقُدرات والإنجازات الشخصيّة، والقُدرة على التعامل بشكل إيجابي مع التحدّيات والفشل.
يسهم بناء الشخصية في تعزيز تقدير الذات عن طريق تعزيز الثقة بالنفس وتعزيز الشعور بالكفاءة والقُدرة على الاندماج في المواقف المختلفة.
أسباب انخفاض تقدير الذات
تتضمّن أسباب انخفاض تقدير الذات مجموعة مُتنوّعة من العوامل التي تُؤثّر في الفرد بطُرق مُختلفة.
من بين هذه الأسباب:
- وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام: يُمكن لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام أن تُعرّض الأفراد لمقاييس جديدة للجمال والنجاح والسعادة، ما يُؤدّي إلى مقارنة غير عادلة وزيادة الشعور بعدم الكفاية.
- الانتقاد المستمر: يُمكن أن يُقلّل التعرّض لانتقادات المستمرة سواءً من الآخرين أو من الذات التقدير الذاتي ويُؤثّر سلبًا في الثقة بالنفس.
- المشاكل العائلية: يُمكن أن تُؤثّر الظروف العائلية السلبية مثل: العنف الأسري أو الإهمال العاطفي في تطوّر التقدير الذاتي لدى الفرد.
- مقارنة النفس بالآخرين: عادةً ما يُقارن الأشخاص أنفسهم بالآخرين، وعندما يُركّزون فقط على نجاحات الآخرين ويُقارنونها بإخفاقاتهم الشخصية، فإنّ هذا قد يُؤدّي إلى الشُعور بالقلق وعدم الكفاية.
- الكمالية: يُمكن أن تُؤدّي الرغبة في تحقيق المثالية في كل شيء إلى الشعور بالفشل وعدم الكفاية.
- الشعور بالوحدة: يُمكن أن يُؤثّر انعدام الدعم اجتماعي أو الشعور بالوحدة والعزلة سلبًا في التقدير الذاتي والثقة بالنفس.
- المظهر الخارجي: يُمكن أن يؤثر المظهر الخارجي والمعايير الجمالية المجتمعية سلبًا في التقدير الذاتي، خاصةً عندما يشعر الفرد بعدم التوافق مع هذه المعايير.
- عدم التفوق الدراسي: قد تُؤدّي تجارِب الفشل المُتكررة في المدرسة أو في العمل إلى انخفاض التقدير الذاتي ونقص الثقة بالنفس.
طرق تعزيز وتنمية تقدير الذات
هناك عدّة طرق يُمكن اتّباعها لتعزيز وتنمية تقدير الذات، ومن أبرز هذه الطرق:
- كن لطيفًا مع نفسك ولا تقسو عليها إذا فشلت.
- عليك أن تعرف ما يجعلك سعيدًا وما هي قيمة في هذه الحياة.
- حاول أن تتحدّى الأفكار السلبية التي تحملها عن نفسك، هذه الأفكار هي من تُحبطك.
- تكلّم مع نفسك بإيجابية.
- تعلّم أن تقول لا عندما يتعارض الطلب مع الرغبات أو القيّم الشخصية.
- تجنّب قدر الإمكان مُقارنة نفسك بالآخرين.
- اسعد نفسك من وقت إلى آخر: على سبيل المثال، تناول أكلة تعجبك.
- احتفل بنجاحاتك كيفما كانت.
- امدح نفسك من وقت لآخر.
- تقبّل المدح من الآخرين ولا تقول لهم، أنا لا أستحق المدح، بل تستحقه.
- اسأل الناس ما يعجبهم فيك وما يجعلهم يرتاحون معك.
- اكتب قائمة بالأشياء التي تعجبك وتريد فعلها: على سبيل المثال المهارات التي تريد أن تطورها أو تتعلّمها.
- ركّز على العلاقات الإيجابية التي تجلب لك السعادة.
- اطلب المساعدة من أشخاص تثق بهم.
- حدّد أهداف واقعية وفقًا لقدراتك الفكرية والجسدية.
- تعلّم كل يوم شيء جديد.
- ساعد الناس ماديًا إذا كان باستطاعتك ذلك.
- نم جيّدا دائمًا، لأنّ النوم يُساعد على تقليل التوتر والقلق.
- اهتم بصحتك الجسدية، وذلك بالاهتمام بنظامك الغذائي ومُمارسة الرياضة.
- اقضي مزيدًا من الوقت مع الأشخاص الذين تُحبهم.
- تجنّب التدخين وشُرب الخمر.
بإيجاز، يُمكن تعزيز احترام الذات عن طريق الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، وتحديد الأهداف الواقعية والتركيز على الإنجازات الشخصية، وتجنّب مقارنة نفسك بالآخرين والاستمتاع بـالنجاحات الصغيرة والكبيرة، والعمل على تطوير المهارات الاجتماعية والشخصية وتحسين العلاقات الاجتماعية.
علاج تقدير الذات المنخفض
يتطلّب علاج تقدير الذات المنخفض جهودًا شاملة ومُستمرة لتعزيز الثقة بالنفس وتحسين الصورة الذاتية.
في ما يلي بعض الاستراتيجيات والأساليب التي يُمكن اتّباعها:
التعرّف إلى نِقَاط القوة
تحديد نِقَاط القوة الشخصية خُطوة مُهمّة في تعزيز التقدير الذاتي والنمو الشخصي.
في ما يلي بعض الخطوات لمساعدتك على اكتشاف نِقَاط قوتك:
- استكشاف مهاراتك: ابدأ بتحليل مهاراتك وقدراتك، مثل: القدرة على التواصل الجيّد، أو القدرة على التحليل العميق، أو الإبداع، أو القيادة…
- الاستماع لآراء الآخرين: اسأل الأصدقاء والعائلة عن أفضل ما يرونه فيك وما يرونك قويًا فيه.
- اكتشاف الأنشطة المحببة: اكتشف الأنشطة التي تُمارسها بسهولة وبسعادة، فقد تكون هذه هي المجالات التي تكون فيها موهوبًا.
- التعلّم المستمر: لا تتوقف عن تطوير نِقَاط قوتك، بل استمر في التعلّم وتطوير المهارات والقُدرات التي تمتلكها.
بناء علاقات إيجابية
يُعدّ بناء علاقات إيجابية أمرًا أساسيًا لتعزيز تقدير الذات والشعور بالرضا والسعادة.
في ما يلي بعض النصائح لبناء علاقات إيجابية:
- اختيار الشركاء بعناية: اختر الأشخاص الذين يدعمونك ويلهمونك ويشجعونك على تحقيق أهدافك ويؤمنون بقدراتك.
- التواصل الصحيح: كن صادقًا في التواصل مع الآخرين وحاول فهم مشاعرهم واحتياجاتهم.
- التعاون: حاول العمل مع الآخرين بروح التعاون والتفاني، وكن مستعدًا لتقديم المساعدة واستقبالها عند الحاجة.
- تجنب السلبية: ابتعد عن الأشخاص الذين ينشرون السلبية والإحباط، وحاول بدلًا من ذلك التفكير بإيجابية…
- الاحترام المتبادل: عامل الآخرين باحترام، وتجنّب الانتقادات…
- الاستماع الفعّال: استمع بانتباه إلى الآخرين دون مقاطعة.
التعامل بلطف مع الذات
التعامل بلطف مع النفس أمر بالغ الأهمية لتعزيز تقدير الذات ورفع مستوى الثقة بالنفس.
إذا أردت أن تكون لطيفًا مع نفسك، فاتبع النصائح التالية:
- الاعتناء بالنفس: طبّق روتين يومي للعناية بنفسك، بما في ذلك: مُمارسة الرياضة، وتناول طعام الصحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والاستمتاع بأنشطة تساعد في الاسترخاء.
- تطوير الذات: حدد أهدافًا شخصية ومهنية واعمل على تحقيقها، واحرص على تطوير مهاراتك وتعلّم أشياء جديدة.
- التفاعل مع الآخرين بإيجابية: حاول البقاء محاطًا بالأشخاص الذين يدعمونك ويشجعونك على التطوّر والنمو الشخصي.
تعلّم قول “لا”
تعلّم قول “لا” خطوة مُهمّة في تحسين التقدير الذاتي وتعزيز الثقة بالنفس.
في ما يلي بعض النصائح حول كيفيّة قول “لا”:
- تحديد الأولويات: قم بتحديد أولوياتك واحتياجاتك الشخصية، وكن واضحًا فيما تُريد وما لا تُريد قبوله.
- التفكير في الآثار: قبل أن تُوافق على طلب مّا، فكّر في الآثار المُحتملة وكيف سيُؤثر ذلك في حياتك وراحتك الشخصيّة.
- تقبّل الرفض: تعلّم أن الرفض جُزء من الحياة، ولا يعني ذلك نُقصًا فيك أو في قيمتك.
- التدرّب على قول “لا” بشكل واضح: كن واضحًا عندما تقول “لا”، دون الشعور بالذنب أو الاعتذار.
الشجاعة
الشجاعة هي القُدرة على مُواجهة المخاوف وتحقيق الأهداف. فعندما يكون لديك تقدير ذاتي مُرتفع، يُمكنك أن تفهم أنّ الفشل جُزء طبيعي من العمليّة التعلميّة والنُمو الشخصي.
الشجاعة لا تعني عدم وجود الخوف، بل التصرّف بالرغم من وجوده، وهذا ما يُميّز الأشخاص الذين يسعون لتحقيق أهدافهم بالرغم من التحدّيات التي قد تواجههم.
خلاصة القول
يُعدّ تقدير الذات عنصرًا أساسيًا في حياة الفرد، حيث يُؤثّر في شعوره بالرضا والسعادة ونجاحه في مختلف جوانب الحياة.
يُمكن أن يكون لتقدير الذات تأثير إيجابي عندما يتمتّع الفرد بثقة بنفسه وقُدراته ويتعامل مع الآخرين بإيجابية، في حين قد يُؤدّي تقدير الذات المُنخفض إلى آثار سلبية مثل: الاكتئاب والقلق والعُزلة الاجتماعية.
يتأثّر الاعتزاز بالذات بعوامل مُتعدّدة تضمّ: التجارِب الحياتية، والعلاقات الاجتماعية، والثقافة، وردود الفعل من الآخرين. يُمكن أن يُساعد تعزيز تقدير الذات على تحسين جودة الحياة والعلاقات الاجتماعية والصحّة النفسية للأفراد.
من أجل زيادة الاعتزاز بالذات، يُمكن للأفراد تطبيق استراتيجيات مثل: تطوير المهارات الشخصية، وتغيير النمط السلبي في التفكير، والعناية بالنفس، والتفاعل مع الآخرين بشكل إيجابي، وطلب المساعدة عند الحاجة.